MiNa FeKrY • مدير عام •
كيف تعرفت علينا : المالك والمؤسس اسم شفيعك : مارمينا العجايبى عدد المساهمات : 451 أسم كنيستك : مارمينا العجايبى نقاط : 1859 تاريخ الميلاد : 27/03/1993 تاريخ التسجيل : 25/08/2009 العمر : 31 الموقع : قلب يسوع علم دولتك : الوظيفه : طالب جامعى المزاج : رايق
| موضوع: الحق و الدفاع عنه كلمة لقداسة البابا شنودة الإثنين أبريل 12, 2010 3:36 pm | |
| الأهرام - بقلم: قداسة البابا شنوده الثالث ما هو الحق؟ الحق هو الصدق, فهو ضد الكذب, والحق هو البر, ولذلك فهو ضد الباطل, والحق هو العدل, ولذلك فالحق ضد الظلم, ووزارة العدل كانت تسمي قديما بوزارة الحقانية, والكلية الجامعية الخاصة بالقوانين والعدل هي كلية الحقوق, وأكثر من هذا كله فإن الحق هو اسم من أسماء الله جل وعلا, لذلك فالحق له جلالة وهو يعلو علي كل شيء. سعيد هو الإنسان الذي لا يقول إلا الحق, ولا يحكم إلا بالحق, ولا يتصرف إلا بالحق, والمغالاة فيما تظنه حقا ليست هي حقا خالصا, فإن بعض الذين يحبون الحق يتطرفون في فهمه ويكون هذا التطرف ضد الحق, لذلك قال بعض الفلاسفة إن الفضيلة الحقة هي توازن بين نقيضين هما الإفراط والتفريط, وهكذا فإن بعض محبي الحق يحتارون بين الوداعة والشجاعة, فالبعض قد يبالغون في الوداعة حتي تتحول إلي ضعف وإلي ليونة في الطبع, أو قد يبالغون في الشجاعة حتي تتحول إلي تهور واندفاع بينما الحق أن يكون التصرف في حكمة, فيكون الإنسان وديعا في شجاعته, شجاعا في وداعته لا يتطرف بل يحفظ التوازن بينهما. وأيضا في التربية الحقة, يحفظ التوازن بين التدليل والشدة, فليس الحنان الحقاني حبا بلا ضابط وبلا مبالاة بالأخطاء مما يشجع علي الاستمرار فيها, كذلك من الناحية العملية لا مانع من استخدام الحزم في غير عنف منفر, والذي يحب الحق ويهمه الدفاع عنه يجب عليه- قبل أن يأخذ حق الله من الناس ـ أن يأخذ حق الله أولا وقبل كل شيء من نفسه هو. الذي يحب الحق لا يجامل نفسه أبدا ولا يدافع عن أخطائه ولا يبررها ولا يلتمس لنفسه الأعذار في كل سقطاته وضعفاته بل يعترف بأنه أخطأ فهذا حق وأيضا لا يجامل أحدا من أحبائه أو أصدقائه علي حساب الحق, فإن الذي يحب الحق يفضل الحق أكثر من محبته لأصدقائه, والذي يحب الحق له ميزان واحد يزن به كل الأفعال وكل الأشخاص, فهو بعيد عن الطائفية والتعصب لا فرق عنده بين قريب وغريب والحق عنده لا يتأرجح بعوامل تتصل بالدين أو الجنس أو القرابة وأيضا في حكمه علي الأفعال لا يبالغ في تقدير الخطأ والصواب, ويعرف تماما أن مبريء المذنب ومذنب البريء كلاهما غير مقبول أمام الله, لأن كليهما ضد الحق. والذي يحب الحق لا يظلم أحدا, ولا يقبل أن يقع ظلم علي أحد, حتي لو كان من الذين يعادونه, وهو لا يدين أحدا في أمر من الأمور, بينما يبرر غيره في نفس الأمر بسبب نوعية عواطفه تجاه هذا وتجاه ذاك, هو أيضا لا مانع عنده من أن يدين نفسه في عمل من الأعمال إن كان ما عمله ضد الحق. فالذي يدافع عن الحق ينبغي أن يتأكد تماما أن ما يدافع عنه هو الحق لأن كثيرين يتحمسون لأمور معينة ويدافعون عنها بكل قوتهم- عن جهل واندفاع ـ بينما لا تكون هذه الأمور حقا في ذاتها بل تحتاج منهم إلي دراسة متأنية ليتأكدوا أن الحق في جانبهم في حماسهم هذا, وبالمثل من يهاجم شخصا ما باسم الحق ينبغي أن يتأكد قبل مهاجمته له من أنه قد انحرف عن طريق الحق, وإلا فإنه مهاجته له تكون لونا من الظلم والتشهير لا يرضي عنها الحق في شيء بل يرفضها. والذي يسير في طريق الحق يكون بارا يتحرر من الباطل ومن الزيف ومن الرياء والتملق والنفاق ومن التظاهر بما ليس فيه, فكل هذه أمور ضد الحق وأيضا لا يكون شخصا ذا وجهين ولا يقول غير ما يبطن بل يكون صادقا في كل ما يقول وليعلم أن الرياء لا ينفعه بل ينكشف كما قال الشاعر: ثوب الرياء يشف عما تحته فإذا التحفت به فإنك عاري والذي يحب الحق يحتمل من أجله لأن كثيرين لا يحبون الحق إن كان ضد أهوائهم أو ضد مصالحهم, أو إن كان هذا الحق يكشفهم أمام غيرهم, لذلك فهم يهاجمون من يقول الحق ويحاولون أن يزيحوه من طريقهم أو يكتموا صوته, فعليه أن يحتمل. علي أن كلمة الحق لها قوتها حتي إن صدرت من طفل صغير, ذلك لأن قوة الحق تنبع من ذاته لا من قائله فكم تكون كلمة الحق أقوي وأقوي إن صدرت من إنسان مسئول له مكانته بعكس ذلك الباطل الذي ليس له قوة في ذاته مهما كانت قوة من يدافع عنه, ومهما كانت سلطته. ومع ذلك فإن العالم منذ القدم يشهد صراعا مستمرا طوال الأجيال بين الحق والباطل والمعروف أن الحق له طريق واحد مستقيم بينما الباطل له طرق كثيرة وملتوية. وفي الصراع بين الحق والباطل, قد يبدو الحق منهزما في بادئ الأمر, ولكنه لابد أن ينتصر أخيرا ولكن لماذا ينهزم الحق أولا وينتصر الباطل؟ ذلك لأن الباطل يستطيع أن يستخدم الكذب والخداع, بينما يتسامي الحق عن هذا, وأيضا الباطل يلجأ إلي اللف والدوران وإلي الدس والتآمر وقد يجذب إليه كثيرين بأساليب المخادعة وباغراءات ووعود ولكنه لا يستطيع أن يستمر فينتصر الحق أخيرا. هذا الأمر شبهه القديس اوغسطينوس بالوقود الذي ينتج عنه دخان ونار, فالدخان يعلو إلي فوق ويظل يعلو ويعلو وتتسع رقعته, وبينما هو يعلو وتتسع رقعته فإنه يتبدد! أما النار فهي تبقي تحت ولأنها تحتفظ بقوتها وحرارتها وتستمر. لذلك فلا يصح أن يخاف السائرون في طريق الحق أو ييأسوا إن وجدوا أن الباطل يرتفع ويعلو, أو حتي يسود فإن هذا كله إلي حين ولن يستمر, فلابد أن ينتصر الحق أخيرا وينهزم الباطل أو يزول. ينبغي أن يبقي الحق صادقا لا يتزعزع, فقوته في صموده وفي المعونة الإلهية التي تعاضده من فوق. | |
|